التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بين التعلم الذاتي والتعلم المدرسي Between self-learning and school learning

بين التعلم الذاتي والتعلم المدرسي self-learning and school learning


من الجيّد أن تدرك الفرص المتاحة من حولك، وأن تبدأ في استثمار هذه الفرصة لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة منها. واحدة من هذه الفرص هي انتشار مواقع التعلم على الإنترنت، والتي تتيح لك مسألة التعلم الذاتي باختيارات متعددة.
لكن يحدث أحيانًا أن تجد هناك عملية تضارب لدى البعض بين التعلم الذاتي، وبين ما يتعلمه في المدرسة أو الجامعة، فبدلًا من تحقيق استفادة من كليهما معًا، قد يصاب بالعجز ولا يتمكن من فعل شيء.
لذلك سنتحدث في هذا المقال عن عملية الجمع بين التعلم الذاتي والتعلم المدرسي، وما هي الوسائل التي يمكنك استخدامها لتفعل ذلك بشكل صحيح.

تعريف التعلم الذاتي والتعلم المدرسي

علينا في البداية أن نضع تعريفًا واضحًا لكل من التعلم الذاتي والتعلم المدرسي:
التعلم الذاتي: هو ذلك النوع من التعلم الذي يلعب فيه المتعلم دور المسؤولية في عملية التعلم، ويعتبر البعض أنّ التعلم على الإنترنت جزءًا من التعلم الذاتي؛ بسبب أنّ المتعلم يقع عليه عبء اختيار الدورات التعليمية، ومتابعة العملية التعليمية بمفرده، وتقييم النتائج الخاصة بها.
التعلم المدرسي: هو ذلك النوع من التعلم الذي يعتمد على التفاعل بين المتعلم وبين المعلم، طبقًا لمنهج موضوع ومحدد مسبقًا، بغرض وصول المتعلم إلى نواتج معينة، طبقًا للمرحلة التعليمية الموجود بها.
وبناءً على التعريفين، فنحن نلاحظ هنا أنّ هناك اختلاف واضح بينهما، لكن ما الذي يدفع الناس إلى عملية المقارنة؟

المقارنة بين التعلم الذاتي والتعلم المدرسي

في الواقع، تحدث المقارنة بين التعلم الذاتي والتعلم المدرسي للأسباب التالية:
1- التشابه بين المحتوى الذي يرغب الشخص في تعلمه في النوعين.
2- الشعور بالفارق الكبير في الجودة بينهما، فنحن نعرف كيف هو التعلم في المدرسة من ناحية السوء في أماكن متعددة، فيجد المتعلم فارقًا كبيرًا في الجودة بين ما يتعلمه، حتى مع تشابه الموضوع.
3- الإمكانيات التي يتيحها كل نوع للمتعلم، فالتعلم الذاتي يمنح المتعلم مساحة كبرى في التجربة، بعكس التعلم المدرسي الذي يلتزم بمنهجية ثابتة.
وبناءً على هذه الأسباب، نجد أنّ الخلل يبدأ في الحدوث لدى المتعلم، لدرجة أنّ البعض يصبح على قناعة بأنّه يجب عليه الاكتفاء بنوع واحد فقط منهما، حتى لا يشعر بوجود مشكلة.

الجمع بين التعلم الذاتي والتعلم المدرسي

الحقيقة أنّ الحل لا يتمثل أبدًا في المفاضلة بين النوعين، ومن ثم اختيار واحد فقط. بل إنّ الحل الصحيح هو استيعاب الفارق بينهما، ومن ثم القدرة على الجمع بين الاثنين في عملية التعلم.
حتى يحدث ذلك عليك في البداية أن تعمل على تقبل الفجوة الكبيرة، وأن تقتنع ببساطة أنّه يمكنك سد هذه الفجوة.
عليك أن تعرف أيضًا أنّ كل نوع منهما يعطيك فائدة مختلفة عن الأخرى.
فالتعلم الذاتي يمنحك مساحة أكبر من المحاولة والتجربة، ويوفّر لك قاعدة كبيرة من المحتوى يمكنك اختيار ما يفيدك منها.
أمّا الناحية الأخرى فالتعلم المدرسي يتميز بوجود المعلم، والذي يمكنك أن تلجأ إليه في أي وقت لمساعدتك، كما أنّك تحتاج إلى الشهادة منه في نهاية الرحلة؛ لأنّها ستساعدك في الحصول على وظيفة.
بالطبع لكليهما فوائد أخرى، ولا يخلو أي نظام من العيوب، لكنني أردت فقط لفت انتباهك إلى الفارق بينهما، لكنه فارق إيجابي يمكن الاستفادة منه.

لا يوجد تعارض بين الاثنين

إذا أمكنك الاقتناع بأنّه لا يوجد تعارض بينهما، من هنا يمكن البدء في عملية الاستفادة.
أعرف أنّه أحيانًا قد يحدث تضارب بين الاثنين، لذلك عندما تتعلم شيء في التعلم المدرسي، وتشعر أنّ هناك خلل في المعلومات يمكنك أن تبدأ في البحث بنفسك، وإن وجدت الأمر يستحق، ابحث عن دورة تعليمية مناسبة تأخذها.
حاول أن تجعلهما مكمليّن لبعضهما، فمثلًا إن كنت تتعلم في المدرسة 40 % عن موضوع معين، يمكنك أن تبدأ في التعلم الذاتي من الـ60 % الأخرى.
استغل التعلم الذاتي في أن يصقل المهارات التي تحتاج إليها في التعلم المدرسي، مما يساعدك على إنجاز المطلوب منك بصورة أفضل من المعتاد.
المواضيع التي تهمك جدًا، وتشعر بأنّه يجب أن تبدأ فيها من الصفر في التعلم الذاتي، يمكنك أن تؤجلها إلى الإجازة بحيث يكون تركيزك موجهًا لها فقط، دون التشتت بالتعلم المدرسي.
تذكّر دائمًا أنّ جوهر النجاح في الجمع بين التعلم الذاتي والتعلم المدرسي، يعتمد على قدرتك على تحقيق أكبر قدر من الاستفادة من الاثنين، واستغلال كل نوع في التخلص من عيوب الآخر، بحيث تحصل على أفضل ناتج ممكن من عملية التعلم


تعليقات

فن الخشب wood art

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 3

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 3 مؤلفه برهان الإسلام الزرنوجي الفقيه الحنفي . اشتهر كتابه ولم يشتهر هو رحمه الله، والمعلومات عنه قليلة جدا. آثرنا نشر كتابه في بدء هذه المدونة على حلقات استفادة وتبركا قال رحمه الله: فصل فى الجد والمواظبة والهمة           ثم لا بد من الجد والمواظبة والملازمة لطالب العلم، وإليه الإشارة فى القرآن بقوله تعالى: يا يحيى خذ الكتاب بقوة. وقوله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.           قيل:           بجـد لا بجــد كــل مـجــد         فهل جد بلا جد بمجدى           فكم من عبد يقوم مقام حر        وكم حر يقوم مقام عبد           وقيل: من طلب شيئا وجد وجد، ومن قرع الباب ولج ولج.           وقيل: بقدرما تتعنى تنال ما تتمنى.           وقيل: يحتاج فى التعلم والتفقه إلى جد ثلاثة: المتعلم، والأستاذ، والأب، إن كان فى الأحياء.           أنشدنى الشيخ الإمام الأجل الأستاذ سديد الدين الشيرازى للشافعى رحمهما الله: الجـــد يــدنـى كــل أمـر شـاسـع                               والـجــد يفــتـح كــل باب مــغـلـق وأحق خلق الله تعالى

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 6

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 6 مؤلفه برهان الإسلام الزرنوجي الفقيه الحنفي . اشتهر كتابه ولم يشتهر هو رحمه الله، والمعلومات عنه قليلة جدا. آثرنا نشر كتابه في بدء هذه المدونة على حلقات استفادة وتبركا قال رحمه الله: فصل فيما يورث الحفظ وفيما يورث النسيان           وأقوى أسباب الحفظ: الجد والمواظبة، وتقليل الغذاء، وصلاة الليل، وقراءة القرآن من أسباب الحفظ.           قيل: ليس شيئ أزيد للحفظ من قراءة القرأن نظرا، والقراءة نظرا أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام: أعظم أعمال أمتى قراءة القرآن نظرا. ورأى شداد بن حكيم بعض إخوانه فى المنام، فقال لأخيه: أى شيئ وجدته أنفع؟ قراءة القرآن نظرا.           ويقول عند رفع الكتاب: بسم الله وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله اكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم العزيز العليم، عدد كل حرف كتب ويكتب أبد الآبدين ودهر الداهرين.           ويقول بعد كل مكتوبة: آمنت بالله الواحد الأحد الحق، وحده لا شريك له، وكفرت بما سواه.           ويكثر الصلاة على النبى عليه السلام فإن ذكره رحمة للعالمين.           [قال الشافعى رضى ال

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 2

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 2 مؤلفه برهان الإسلام الزرنوجي الفقيه الحنفي . اشتهر كتابه ولم يشتهر هو رحمه الله، والمعلومات عنه قليلة جدا. آثرنا نشر كتابه في بدء هذه المدونة على حلقات استفادة وتبركا قال رحمه الله: فصل فى اختيار العلم والأستاذ والشريك والثبات           وينبغى لطالب العلم أن يختار من كل علم أحسنه وما يحتاج إليه فى أمر دينه فى الحال، ثم ما يحتاج إليه فى المآل.           ويقدم علم التوحيد والمعرفة ويعرف الله تعالى بالدليل، فإن إيمان المقلد ـ وإن كان صحيحا عندنا ـ لكن يكون آثما بترك الإستدلال.           ويختار العتيق دون المحدثات، قالوا: عليكم بالعتيق وإياكم بالمحدثات، وإياك أن تشتغل بهذا الجدال الذى ظهر بعد انقراض الأكابر من العلماء، فإنه يبعد عن الفقه ويضيع العمر ويورث الوحشة والعداوة، وهو من أشراط الساعة وارتفاع العلم والفقه،كذا ورد فى الحديث.           أما اختيار الأستاذ: فينبغى أن يختار الأعلم والأورع والأسن، كما اختار أبو حنيفة، رحمة الله عليه، حماد بن سليمان، بعد التأمل والتفكير، قال: وجدته شيخا وقورا حليما صبورا فى الأمور.           وقال: ث