التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 6


كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 6

مؤلفه برهان الإسلام الزرنوجي الفقيه الحنفي . اشتهر كتابه ولم يشتهر هو رحمه الله، والمعلومات عنه قليلة جدا.
آثرنا نشر كتابه في بدء هذه المدونة على حلقات استفادة وتبركا
قال رحمه الله:



فصل
فيما يورث الحفظ وفيما يورث النسيان

          وأقوى أسباب الحفظ: الجد والمواظبة، وتقليل الغذاء، وصلاة الليل، وقراءة القرآن من أسباب الحفظ.
          قيل: ليس شيئ أزيد للحفظ من قراءة القرأن نظرا، والقراءة نظرا أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام: أعظم أعمال أمتى قراءة القرآن نظرا. ورأى شداد بن حكيم بعض إخوانه فى المنام، فقال لأخيه: أى شيئ وجدته أنفع؟ قراءة القرآن نظرا.
          ويقول عند رفع الكتاب: بسم الله وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، والله اكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم العزيز العليم، عدد كل حرف كتب ويكتب أبد الآبدين ودهر الداهرين.
          ويقول بعد كل مكتوبة: آمنت بالله الواحد الأحد الحق، وحده لا شريك له، وكفرت بما سواه.
          ويكثر الصلاة على النبى عليه السلام فإن ذكره رحمة للعالمين.
          [قال الشافعى رضى الله عنه:]
          شكوت إلى وكيع سوء حفظى
                                        [فأرشدنى] إلى ترك المعاصى
          فإن الحفظ فضل مــــــــن الله   
                                        وفضل الله لا يعطى لعاصـــــى.
          والسواك وشرب العسل وأكل الكندر مع السكر وأكل إحدى وعشرين زبيبة حمراء كل يوم على الريق يورث الحفظ ويشفى من كثير من الأمراض والأسقام، وكل ما يقلل البلغم والرطوبات يزيد فى الحفظ، وكل ما يزيد فى البلغم يورث النسيان.
          وأما ما يورث النسيان فهو: المعاصى وكثرة الذنوب والهموم والأحزان فى أمور الدنيا، وكثرة الإشتغال والعلائق، وقد ذكرنا أنه لا ينبغى للعاقل أن يهتم لأمر الدنيا لأنه يضر ولا ينفع، وهموم الدنيا لا تخلو عن الظلمة فى القلب، وهموم الآخرة لا تخلو عن النور فى القلب، ويظهر أثره فى الصلاة، فهم الدنيا يمنعه من الخيرات، وهم الآخرة يحمله عليه، والإشتغال بالصلاة على الخشوع وتحصيل العلم ينفى الهم والحزن، كما قال الشيخ نصر بن الحسن المرغينانى فى قصيدة له:
          استعن نصر بن الحسن           فــــــــى كل علم يحتـزن
          ذاك الذى ينفى الحــزن وما سواه باطل لا يؤتمن
          والشيخ الإمام الأجل نجم الدين عمر بن محمد النسفى قال فى أم ولد له:
          سلام على مـــــــــن تيمتنى بظرفـها
                                        ولمعة خــــــــدها ولمحة طرفها
          سبتنى وأصبتنى فـــــــــــــتاة مليحة
                                        تحيرت الأوهام فى كـنه وصفها
          فقلت: ذرينى واعذرينــــــــى فإننـى
                                        شغفت بتحصيل العلوم وكــشفها
          ولى فى طلاب الفضل والعلم والتقى   
                                        غنى عن غناء الغانيات وعرفها
          وأما أسباب نسيان العلم:
          فأكل الكزبرة الرطبة، والتفاح الحامض، والنظر إلى المصلوب، وقراءة الخط المكتوب على حجارة القبور، والمرور بين قطار الجمال، وإلقاء القمل الحي على الأرض، والحجامة على نقرة القفا، كلها يورث النسيان.
  
فصل
فيما يجلب الرزق وفيما يمنع
وما يزيد فى العمر وما ينقص

          ثم لابد لطالب العلم من القوة ومعرفة ما يزيد فيه وما يزيد فى العمر والصحة ليتفرغ فى طلب العلم، وفى كل ذلك صنفوا كتبا، فأوردت بعضها هنا على سبيل الإختصار.
          قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرد القدر إلا بالدعاء، ولا يزيد فى العمر إلا البر، فإن الرجل ليحرم من الرزق بذنب يصيبه.
          ثبت بهذا الحديث أن إرتكاب الذنب سبب حرمان الرزق خصوصا الكذب فإنه يورث الفقر, وقد ورد فيه حديث خاص, وكذا نوم الصبحة يمنع الرزق, وكثرة النوم تورث الفقر, وفقر العلم أيضا. قال القائل شعرا:
سرور الناس فى لبس اللباس    وجمع العلم فـى ترك النعاس
          وقال:
أليس مــــــن الحزن أن لياليا    تمر بلا نفع وتخسر من عمر
          وقال أيضا:
قـــــم الليل يا هذا لعلك ترشد    إلى كم تنام الليل والعمر ينفد
          والنوم عريانا, والبول عرينا، والأكل جنبا, والأكل متكئا على جنب, والتهاون بسقوط المائدة, وحرق قشر البصل والثوم, وكنس البيت فى الليل بالمنديل, وترك القمامة فى البيت, والمشي قدام المشايخ, ونداء الوالدين باسمهما, والخلال بكل خشبة, وغسل اليدين بالطين والتراب, والجلوس على العتبة, والاتكاء على أحد زوجي الباب, والتوضؤ فى المبرز, وخياطة الثوب على بدنه, وتجفيف الوجه بالثوب, وترك العنكبوت فى البيت, والتهاون فى الصلاة, وإسراع الخروج من المسجد بعد صلاة الفجر, والإبتكار بالذهاب إلى السوق, والابطاء فى الرجوع منه, وشراء كسرات الخبز من الفقراء, والسؤال, ودعاء الشر على الوالد, وترك تخمير الأوانى وإطفاء السراج بالنفس:
          كل ذلك يورث الفقر, عرف ذلك بالآثار.
          وكذا الكتابة بالقلم المعقود، والامتشاط بالمشط المنكسر، وترك الدعاء للوالدين، والتعمم قاعدا، والتسرول قائما، والبخل والتقتير، والإسراف، والكسل والتوانى والتهاؤن فى الأمور.
          وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استنزلوا الرزق بالصدقة؛ والبكور مبارك يزيد فى جميع النعم خصوصا فى الرزق.
          وحسن الحظ من مفاتيح الرزق وبسط الوجه وطيب الكلام يزيد فى الحفظ والرزق. وعن الحسن بن على: كنس الفناء وغسل الإناء مجلبة للغنى.
          وأقوى الأسباب الجاذبة  للرزق إقامة الصلاة بالتعظيم والخشوع، وتعديل الأركان وسائر واجباتها وسننها وآدابها، وصلاة الضحى فى ذلك معروفة، وقراءة سورة الواقعة خصوصا فى الليل وقت النوم، وقراءة الملك، والمزمل، والليل إذا يغشى وألم نشرح لك، وحضور المسجد قبل الأذان، والمداومة على الطهارة، وأداء سنة الفجر والوتر فى البيت. وأن لا يتكلم بكلام الدنيا بعد الوتر ولا يكثر مجالسة النساء إلا عند الحاجة، وأن لا يتكلم بكلام لغو.
          وقيل: من اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يعنيه. قال بزرجمهر: إذا رأيت الرجل يكثر الكلام فاستيقن بجنونه. وقال على رضى الله عنه: إذا تم العقل نقص الكلام.
          قال المصنف رحمه الله: واتفق لى فى هذا المعنى شعرا:
إذا تم عقل المرء قل كلامـــه    وأيقن بحمق المرء إن كان مكثرا
النطق زين والسكوت سلامة    فإذا نطقت فلا تكون مكــــــــــثرا
ما ندمت على سكوت مــــرة    ولقد ندمت على الكلام مــــــرارا
          وأما ما يزيد فى الرزق:
          أن يقول كل يوم بعد انشقاق الفجر إلى وقت الصلاة: سبحان الله العظيم وبحمده، سبحان الله العظيم وبحمده، وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه مائة مرة، وأن يقول: لا إله إلا الله الملك الحق المبين كل يوم صباحا ومساء مائة مرة.
          وأن يقول بعد صلاة الفجر كل يوم: الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، ثلاثا وثلاثين مرة، وبعد صلاة المغرب أيضا، ويستغفر الله تعالى سبعين مرة بعد صلاة الفجر، ويكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم.
          ويقول يوم الجمعة سبعين مرة : اللهم أغننى بحلالك عن حرامك واكفنى بفضلك عمن سواك.
          ويقول هذا الثناء كل يوم وليلة : أنت الله العزيز الحكيم, أنت الله الملك القدوس, أنت الله الحكيم الكريم, انت الله خالق الخير والشر, أنت الله خالق الجنة والنار, أنت الله عالم الغيب والشهادة, أنت الله عالم السروأخفى, أنت الله الكبير المتعال, أنت الله خالق كل شيئ واليه يعود كل شيئ, أنت الله ديان يوم الدين, لم تزل ولا تزال, أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد, لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, أنت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبرلا إله إلا أنت الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
          وأما ما يزيد في العمر: البر, وترك الأذى, وتوقير الشيوح, وصلة الرحم, وأن يقول حين يصبح ويمسى كل يوم ثلاث مرات : سبحان الله ملء الميزان, ومنتهى العلم, ومبلغ الرضا, وزنة العرش. ولا إله إلا الله ملء الميزان, ومنتهى العلم وزنة العرش. والله أكبر, ملء الميزان, ومنتهى العلم, ومبلغ الرضا, وزنة العرش.
          وأن يتحرز عن قطع الأشجار الرطبة إلا عند الضرورة, وإسباغ الوضوء والصلاة بالتعظيم, والقرآن بين الحج والعمرة, وحفظ الصحة, ولا بد أن يتعلم شيئا من الطب, ويتبرك بالآثار الواردة فى الطب التى جمعها الإمام أبو العباس المستغفري في كتابه المسمى : بطب النبى عليه السلام, يجده من يطلبه (فهو كتاب مشهور).

 ]والحمد لله على التمام, وصلى الله على سيدنا محمد أفضل
الرسل الكرام, وآله وصحبه الأئمة الاعلام, على
ممر الدهور وتعاقب الأيام, آمين.[

تعليقات

فن الخشب wood art

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 3

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 3 مؤلفه برهان الإسلام الزرنوجي الفقيه الحنفي . اشتهر كتابه ولم يشتهر هو رحمه الله، والمعلومات عنه قليلة جدا. آثرنا نشر كتابه في بدء هذه المدونة على حلقات استفادة وتبركا قال رحمه الله: فصل فى الجد والمواظبة والهمة           ثم لا بد من الجد والمواظبة والملازمة لطالب العلم، وإليه الإشارة فى القرآن بقوله تعالى: يا يحيى خذ الكتاب بقوة. وقوله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.           قيل:           بجـد لا بجــد كــل مـجــد         فهل جد بلا جد بمجدى           فكم من عبد يقوم مقام حر        وكم حر يقوم مقام عبد           وقيل: من طلب شيئا وجد وجد، ومن قرع الباب ولج ولج.           وقيل: بقدرما تتعنى تنال ما تتمنى.           وقيل: يحتاج فى التعلم والتفقه إلى جد ثلاثة: المتعلم، والأستاذ، والأب، إن كان فى الأحياء.           أنشدنى الشيخ الإمام الأجل الأستاذ سديد الدين الشيرازى للشافعى رحمهما الله: الجـــد يــدنـى كــل أمـر شـاسـع                               والـجــد يفــتـح كــل باب مــغـلـق وأحق خلق الله تعالى

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 2

كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم 2 مؤلفه برهان الإسلام الزرنوجي الفقيه الحنفي . اشتهر كتابه ولم يشتهر هو رحمه الله، والمعلومات عنه قليلة جدا. آثرنا نشر كتابه في بدء هذه المدونة على حلقات استفادة وتبركا قال رحمه الله: فصل فى اختيار العلم والأستاذ والشريك والثبات           وينبغى لطالب العلم أن يختار من كل علم أحسنه وما يحتاج إليه فى أمر دينه فى الحال، ثم ما يحتاج إليه فى المآل.           ويقدم علم التوحيد والمعرفة ويعرف الله تعالى بالدليل، فإن إيمان المقلد ـ وإن كان صحيحا عندنا ـ لكن يكون آثما بترك الإستدلال.           ويختار العتيق دون المحدثات، قالوا: عليكم بالعتيق وإياكم بالمحدثات، وإياك أن تشتغل بهذا الجدال الذى ظهر بعد انقراض الأكابر من العلماء، فإنه يبعد عن الفقه ويضيع العمر ويورث الوحشة والعداوة، وهو من أشراط الساعة وارتفاع العلم والفقه،كذا ورد فى الحديث.           أما اختيار الأستاذ: فينبغى أن يختار الأعلم والأورع والأسن، كما اختار أبو حنيفة، رحمة الله عليه، حماد بن سليمان، بعد التأمل والتفكير، قال: وجدته شيخا وقورا حليما صبورا فى الأمور.           وقال: ث